آزواد وسقوط الأقنعة

لعل أبرز ما صاحب إعلان الطوارق ( إيموهاق ) بآزواد لإستقلالهم عن الإحتلال المالي هو سقوط الأقنعة من وجوه العديد من الأنظمة الشمال إفريقية والدول الأوربية .
هاته الأقنعة التي كادت أن تخدعنا ونظنها وجوها حقيقية لأصحابها ، لكن ما لبثت أن تساقطت تباعا على أعتاب جمهورية آزواد .
القناع الأول :
من البديهي أن تكون أول الأقنعة المتساقطة لفرنسا صاحبة اليد الطولى شمال وغرب إفريقيا واللتي مازالت تتوهم أن بمقدورها المحافضة على الحدود التي خطتها لهاته الدول ضدا على التاريخ والجغرافيا وخدمتا لأهوائها ومصالحها فيما كان سابقا مستعمراتها عسكريا ومازالت تحت غطائها السياسي ، فرنسا التي كدنا نصدق إنتفاضة ساركوزيها وهو يزمجر ويصرخ مناديا بتحرك دولي ضد المجرم القذافي وبعده السفاح بشار ، نعم سياسيو فرنسا الذين تباكوا أمامنا وذرفوا دموع التماسيح على أرواح شهداء ضحايا آلات القتل بالدول الشرق أوسطية ، صدقناهم فقلنا “فرنسا صديقة الشعوب” وتناسينا أن أيديها مازالت ملطخة بدماء أجدادنا .
القناع الثاني
طبعا ستكون ثاني الأقنعة المتساقطة من نصيب دولة الجنرالات ، فالجزائر صاحبة مليوني شهيد وشهيدة والدولة الإشتراكية العضمى وأكبر الدول المنادية والمساندة لحق الشعب الصحراوي في الإستقلال عن “الإحتلال المغربي” وإنشاء جمهورية عربية صحراوية ، الجزائر التي لم تبخل عن البوليزاريو بالمال والسلاح والدعم بل وحتى أن سلمتهم جزءا من أراضيها لإقامة نواة لدويلتهم .
رغم تحفضي على حركة “البوليزاريو” لكني إحترمت يوما مبدأ الجزائر في مساندة الشعب الصحراوي في تقرير مصيره ، وظننت أن جبهة التحرير الجزائرية مازالت تحمل مبادئ الثورة على الإستعمار الفرنسي وهو حق أي شعب في تقرير مصيره السياسي .
القناع الثالث
لم نتفاجئ بسقوط هذا القناع لأنه كان “ماسك” شفاف وكنا دائما نرى بشاعة ما يخفيه ، إنه قناع عملاء فرنسا بالمغرب الذين سلمتهم الحكم بعد أن أخرجناها من الباب فأدخلوها من النافذة ، وكلنا نعلم أن السياسة الخارجية والداخلية بالمغرب تحركها أيادي ممتدة من عاصمة الأنوار ، فطبيعي أن يكون موقف المغرب من إستقلال آزواد هو نسخة كاربونية لموقف أسيادهم بباريس .
القناع الرابع
لعل أبرز الأقنعة المتساقطة على أعتاب جمهورية آزواد هو قناع القاعدة بالمغرب الإسلامي ، فقد كانت هاته الورقة هي المفضلة لفرنسا وباقي الدول المستعمرة لأراضي الطوارق لتبرير قمعهم وتشتيتهم ومنع أي تحرك من قبلهم للسعي نحو التحرر ببساطة لأن أرض الطوارق تسيل لعاب الأنظمة المستبدة والشركات الأخطبوطية لإستغلال ثرواتها من اليورانيوم والنفط والغاز والمعادن النفيسة ، وقد كانت القاعدة والإرهاب هو الحل السحري في يد تلك الدول لقمع الشعب الطوارقي المسالم ، وسمحت الجزائر لبعض هوات فيلم “الرسالة” وأشرطة “بنلادن” بالتوجه نحو الصحراء الكبرى وتأسيس تنظيم أسموه القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي ( ولم تكن هاته التسمية تظامنا مع الأمازيغ أصحاب الأرض الرافضين لمصطلح المغرب العربي بقدر ما كانت محاولة لإقحام كل التراب الطوارقي خارج الدول المغاربية ) ومنذ ذلك الحين وفرنسا والدول الغربية تسلح وتدعم الدول المحتلة لوطن الطوارق بالسلاح والمال وتدرب جنودها إدعاءا أنها تفعل ذالك لمحاربة الإرهاب, وطوال تلك الفتره فقد إستغلت تلك الدول الإمكانيات المقدمة لها لقمع الطوارق .ولحبك السيناريو بإحترافية وإضفاء الشرعية على هذا الأمر والبرهنة أن القاعدة بالمنطقة حقيقة بادرت مخابارات هاته الدول لتنفيذ عمليات إختطاف وأحيانا قتل لمواطنين أجانب وكان آخرها هو التحرك المفضوح لمخابرات الجزائر بتمثيلية خطف القنصل الجزائري لتشويه جبهة تحرير آزواد .
عالم بدون أقنعة :
فرنسا قالت أنها لن تعترف بآزواد إلا بعدما أن تعترف بها الدول الإفريقية والتي بدورها لن تستطيع الإعتراف بها إلا بعد أن تسمح لهم فرنسا بذالك ، فرنسا ومن ورائها العديد من الدول الغربية من تستغل ثروات الطوارق بصحرائهم المقسمة بين ليبيا والجزائر وتشاد ومالي والنيجر وبوركينافاصو من نفط وغاز وأورانيوم ومعادن نفيسة ، كما أنها حولت بلادهم لمكب لنفاياتها النووية وكذا لإنجاز تجارب نووية كما فعلت فرنسا بالجزائر وتحويل الشعب الطوارقي الحر لفئران تجارب .
إن إزدواجية المعايير التي قوبلت بها جمهورية آزواد تؤكد لنا أننا في عالم تحركه المصالح ، فالقنوات الفضائية الدولية وخصوصا العربية ك”الجزيرة” والتي لا تدخر جهدا بوصف العمليات المسلحة التي قام بها ثوار ليبيا ويقوم بها ثوار سوريا أنها جيوش وطنية تحررية وتحاول جاهدة الإبتعاد عن وصفهم بالإرهابيين ( ولو ثبت أنه قد كان بينهم إرهابيين من القاعدة والجماعات الإسلامية المتشددة ) فلم نرى في قنواتهم أي صورة لعلم القاعدة الأسود في ليبيا أو سوريا أو باقي الدول الشرق أوسطية (رغم كثرة تلك الأعلام) لكن في آزواد قام مجموعة من البلطجية الذين يعملون لحساب دول أخرى وخصوصا الجزائر برفع علم أسود للقاعدة فإختصرت لنا هاته القنوات الرخيصة نضال أبناء آزواد وشعبها لنيل إستقلالهم وحريتهم بالقوة بذلك العلم ، وجو أن تلك المجموعات الإرهابية التي زجت بآزواد للشوشرة على حركتهم أعلنتها صراحة أنها ضد إستقلال آزواد ( دولة أغلب سكانها مسلمين ) ويفضلون البقاء تحت السيادة المالية ( أغلب سكانها مسيحيون ) ، إن هذا التصريح من قبل الإرهابيين أكد أنهم ليسو آزواديين أولا ولم يشاركوا في تحريرها ثانيا ومدعومون من طرف قوى تعارض إستقلال آزواد .
إن الحركة الوطنية لتحرير آزواد وبعد نجاحها الباهر في تحرير أرضهم عسكريا وإلتزامهم التام بكل مواثيق وقوانين الحرب الشريفة وإكتفائهم بالوقوف عند حدود دولتهم آزواد ولو أنه كان بإمكانهم التقدم جنوبا ، إنهم الآن ملزمون بتقدوم صورتهم الحقيقية للعالم ، كحركة تحررية تقدمية وإبعاد كل التهم التي تحاول فرنسا وحلفائها بالمنطقة إلصاقها بهم ، لذا فإنها ملزمة عاجلا أن تكمل تحرير الأرض من قوى الظلام والإرهابيين الذين تسللوا لبلدهم ، إن هؤلاء الإرهابيين رغم قلتهم وضعفهم لكن آعداء آزواد يستغلونهم ضدها ، لذا وجب على الجيش الوطني لجمهورية آزواد وحركة تحريرها تمشيط آزواد شبر شبر من أصحاب الرايات السوداء والضرب بقوة على أيديهم ، هذا وفقط ما سيجعل العالم يعترف مكرها بكم حينما ستسقطون آخر أوراقه الموجهة ضدكم.
فشعب آزواد والطوارق عامة لا مكان للتطرف بينهم فهم أكثر المجتمعات المسلمة وسطية وتسامح ولائكية وأبعدها عن الغلو والتطرف والتشدد.
رشيد إيثري بوهدوز