أخطأت القاعدة في أزواد استراتيجيتها

لإذاعة إيرفي الدولية, مضمونه أنه يجب القضاء على أي تحرك في الساحل, ولا فرق بين الجماعات, فكلها مافيات. ثم حينما رأى باهنجا أن القتال طائفي وقبلي خرج إلى ليبيا مفضلا الابتعاد عن فتنة قبلية. ثم لم يبق بعد ذلك غير الجماعات الجهادية, فلا بد من قتالها مع معارضة سرية من الجزائر لقتالها, مفضلة الاقتصار على الاعتقالات الداخلية, وضبط المدن دون مواجهات في تضاريس الصحراء, ولسان حالها: كل الصيد في جوف الفرا.فذهب الجيش المالي مع ميليشيات لمانه لقتالها مفضلا الطرح الأمريكي آنذاك بقيادة محمد يحيى وغيره, فطاردوا القاعدة واستدرجتهم قريبا من بوجبيه, ثم بيتتهم القاعدة ليلا, فقتلوا أغلب الميليشيات, وستة وثلاثين من نخبة الجيش المالي, ونجا من نجا منهم, ثم أحجمت مالي بعد ذلك عن الحرب, بل أبرمت معهم اتفاقا سريا استخباراتيا يتخلله تبادل للأسلحة والبنزين مقابل أموال هائلة من القاعدة, واقتصرت على اعتقال بعض أفراد القاعدة داخل المدن, ومنذ ذلك الوقت لم تكن القاعدة تفكر في احتلال المدن, لما عليه الحال من حرب عالمية ضدهم مما يستحيل معه الاستقرار, مع تنفيذ قوانينهم وشريعتهم في الأحياء الصحراوية بما فيه القضاء, وتنفيذ العقوبات, وصار الناس في الصحراء يذهبون إليهم في الخصومات والنزاعات, لما يكلفه الذهاب للشرطة المالية من تكاليف باهظة [الرشوة وسعر البنزين وعدم الحل النهائي للقضية عند الشرطة المالية وأن المانح أكثر هو الفائز ولو كان مصاص الدماء] ثم أرادت الدول المحاربة للإرهاب الحل لقضية القاعدة في الصحراء, فاتجهت لدعم الدول المحيطة بالساحل, إلا أن بعض مصالحها لم تدعها تصدق في الحرب عليها باستثناء موريتانيا إلا أن اليد الواحدة لا تصفق, فشكلت فرنسا والولايات المتحدة دوريات مكثفة, كل دورية في زهاء خمسين سيارة عسكرية تساندها هيلكوبترات نهاية 2009م وبداية 2010م, للاطلاع عن كثب على مدى صدق الدولة المالية لمحاربة الإرهاب والطرق الصحيحة لمحاربته, وركزوا على القيادات التقليدية في أزواد, فكل من عرف بأنه زعيم تقليدي نزلوا عنده يوما كاملا, تخلله سؤالات عن تاريخ البلد, ومدى علاقتهم بالجهاديين الجدد, وبعد انتهاء الدوريات ألزمت مالي بتولي العسكريين الطوارق والعرب أمن الشمال, وعينوا حسن فقاقه المسؤول الأمني, وباموسى المسؤول العام على التسليح العسكري فيما أذكر, وتزامن ذلك مع إعلان الحركة الوطنية لتحرير أزواد في تنبكتو تشكيلها ومطالبها وتوجهها السلمي في المطالبة بالحقوق المشروعة للشعب الأزوادي, بعد دعوات إليها دامت أكثر من عشر سنوات, وطمعت فرنسا في أن الحل النهائي لمشكلة القاعدة يكمن في دعم القيادات التقليدية للأزاد, وجعلها قادرة على حربها, متمثلة في الحركة الوطنية تحت الدولة المالية سلميا, لكن الحركة اشترطت مع ذلك انفصال الإقليم عن مالي, مما ولد ردة فعل مالية امتنعت من الاستجابة معها لأية مطالب سلمية, فحين اندلعت الثورة الليبية عاد المجندون في الجيش الليبي, وأعلنوا انضمامهم للحركة الوطنية, وصار لها سند عسكري, كما استفادت القاعدة من الثورة الليبية؛ إذ أرسل مختار بلمختار مبعوثين معروفين لشراء الأسلحة الليبية مع ثراء من أموال الفدى المكدسة, فحصل على أكثر مما كان تحت الفصائل الطارقية المنفصلة عن الجيش الليبي, ومع بداية شرارة الثورة الأزوادية أحجمت القاعدة عن المشاركة فيها بدعوى عدم جواز إعانة حركة علمانية, واحتفاظها بالعهد المالي, إلا أن إياد أق غالي حينما رأى أن الثورة لم يستطع إخمادها استغلها لصالحه؛ وصعب عليه فراق مركزه المتمثل في أسد الصحراء, ونال بعد إخماده لثورة 94م رضى الدولة الجزائرية والمالية مما أهله لأن يكون مصدرا وموردا يعطى من الأموال ما يكسب به ود الأطراف العسكرية في أزواد وخاصة في المندمجين إضافة إلى علاقته الجديدة بالقاعدة واقتناعه بالفكر الجهادي, كل هذا حاول منه استغلال الثورة لصالح فكره القاعدي, فحينما رأى أن الأطراف الثورية لم تستجب له لعدم الثقة التامة فيه حيال المشروع الوطني, لجأ إلى القاعدة للمساعدة تحت ظرف تطبيق الشريعة, وحاولت القاعدة مع مساعدتها لإياد الحفاظ على العهد المالي, كما حافظت على العهد الجزائري باستثناء التوحيد والجهاد بعد عملية الاختطاف في المخيم الرابوني 2010م, وشارك إياد بدعم كامل من القاعدة بشرط أن تكون العمليات تحت مسمى حركة أنصارالدين تفاديا لنقض العهد, ولم يظهر إياد أق غالي نوايا عدم الانفصال عن مالي إلا بعد دخوله تنبكتو بعد خروج الجيش المالي, وورط هو القاعدة؛ إذ اضطرت لحفظ الأمن, والبقاء في المدن لحين يكسب إياد بقية الشعب لصالح حركته وترتحل عنه القاعدة, ووجدت الجزائر من حركة إياد فرصة لا تقدر بثمن الحفاظ على تماسك الدولة المالية, وشجعتها بعلاقات عقيمة؛ لأن الجزائر في النهاية لا تستطيع إنقاذ حركته من الحرب العالمية ضد القاعدة, كما لا تستطيع حركته إنهاء التمرد في الشمال ما دام الشعب يرزح تحت الاحتلال المالي سياسيا واقتصاديا.كأن المشهد يقول: الجزائر ستتنصل من حركته, وحركته ورطت القاعدة وعجلت بها حربا قد تكون بطيئة قبل احتلالها المدن, كما أن حركته نسخة طارقية من القاعدة, والمنتهزون من خلالها لا محل لهم من الإعراب, وكأني بأحمد أق بيبي والعباس إق إنتاله يركبان جناحي نعامة إلى قصور تمنراست, ويتركان المجاهدين المقتنعين بالفكر القاعدي يتصارعون مع الصواريخ الأمريكية والفرنسية.