الربيع الأزوادي في الصحراء الكبرى يعيد رسم ملامح الخارطة الإقليمية
مما لاشك فيه أن الأمة الأزوادية ” بطوارقها كل تماشق وعربها ” تشهد ربيعا بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى وهذا الربيع ليس مرتبط بشخص أو أسرة أو قبيلة أو تنظيم وإنما هو ربيع لرد الاعتبار للكرامة الوطنية التي طالما داست عليها دول الجوار التي صنعها المستعمر الفرنسي وتواطأ معها الانتهازيين والمتسلقين و من أعادوا شعبنا للوراء من أجل مصالحهم الشخصية أو زعامتهم الفاشلة .
اليوم الشعب ينطلق وله علم موحد وإرادة قوية نحو الاستقلال والانفصال عن مالي بعد فشل 50 عام من القهر والإذلال والاتفاقيات المفروضة لأجندات ومصالح ابعد ما تكون عن المصلحة العامة الأزوادية .
ربيع كل تماشق اليوم شجع على قيامه انهيار أنظمة العروبة القومية الأكثر تأييدا لمالي ومنها النظام المصري المنبثق عن انقلاب جمال عبد الناصر عام 1952 الذي أحبط جهود الأمير محمد علي الأنصاري و حلفائه الملكين فيصل وغازي في العراق والملك إدريس السنوسي الذين حاولوا إقناع فرنسا بمشروع جمهورية الصحراء الكبرى الذي يشمل بناء دولة طوارقية في شمال مالي وشمالي النيجر بينما ينضم إقليم فزان للحركة السنوسية التي كانت تحكم إقليم برقة في الشرق الليبي وينضم الهجار للجزائر بسبب الدور المحوري للهجار وفزان في مقاومة الاستعمارين الفرنسي والايطالي .
ومنذ انقلاب جمال عبد الناصر التخريبي المسمى بثورة يوليو عام 1952 شهد الوطن العربي كوارث أشد على الأمة من غزو التتار فقد تمت المتاجرة بالقضية الفلسطينية لإحداث انقلابات وتوريط الشعوب العربية في حروب وكوارث لا طاقة لها وتخريب علاقاتها وروابطها التاريخية مع الشعوب المجاورة لها كالأمازيغ والكرد والتركمان والأرد وغيرها ففقدوا ما بقي من فلسطين التاريخية عام 1967 بسبب عنتريات جمال عبد الناصر وتوالى على العراق انقلابات كل منها أسوا من الآخر وانقلاب القذافي عام 1969 الذي جاء به جمال عبد الناصر ومغامرات القذافي وحروبه في تشاد وحشره انفه في كل صغيرة وكبيرة مما لا يعنيه .
ما يحدث الآن في الوطن العربي وعلى الساحة الأزوادية هو تصحيح لمسار خاطئ منذ عام 1952 عندما اغتصب الديكتاتور هبل الجماهير العربية جمال عبد الناصر السلطة مقصيا الملك الشرعي لمصر فاروق ثم قام بتصدير هذا الاغتصاب للعراق عام 1958 ثم لليمن عام 1962 ثم الى ليبيا عام 1969 وسوريا عام 1970 لينتقم من السوريين الذين رفضوا عبوديته ووصايته إبان مسرحية الوحدة السورية- المصرية التي لم تكن سوى توسيع رقعة حكم جمال عبد الناصر ليتعامل مع الشام كغنيمة له وهو ما رفضه السوريون وقام ابنهم البار العقيد نحلاوي بتحرير سوريا من عبودية جمال عبد الناصر.
ليس من قبيل المصادفة أن يتزامن الربيع العربي مع ربيع كل تماشق في الصحراء الكبرى الذين اكتووا مع الشعوب العربية بنار ظلم انقلابات جمال عبد الناصر وأتباعه الذين خربوا الأوطان وأعادوا العالم العربي الى عصور الظلام.
لم تعد قضية أزواد ” كل تماشق الطوارق والعرب ” بيد أي قبيلة أو فصيل أو تنظيم أو زعيم وإنما هناك حراك شعبي لا يمكن لأي طرف تجيره او المتاجرة به أو المزايدة على غيره فالشعب بكامله شريك في الثورة والربيع مثلما الشعوب الثائرة في الوطن العربي شريكة في ثوراتها ولا يمكن لأي مجموعة التحدث وكأنها وحدها من يصنع الحدث والممثل الوحيد والشرعي باسم الشعب لشرعنة قبول الشعب في المستقبل ديكتاتوريتها بحجة الشرعية الثورية وبالتالي فإن أي محاولات لنسبة هذا الجهد الجماعي الشعبي لهذه الجهة او تلك او اتهام أزواديين آخرين بالتقصير إنما هو ظلم وغرور ومفسدة يجب تداركها قبل أن تفعل بالوحدة الوطنية الأفاعيل .
كذلك أنبه الفصائل المسلحة في الميدان وعلى رأسها ” الحركة الوطنية لتحرير أزواد بقيادة محمد أج ناجم وحركة “أنصار الدين ” بقيادة اياد غالي اللذان تطوعا للدفاع عن شعب أزواد الى ضرورة تفويت الفرصة على بعض القوى الإقليمية المتربصة بهما وبقضية أزواد ” الجزائر ” تلك القوى التي ترغب في استخدام الورقة الطارقية لمساومة أمريكا وفرنسا في إطار ما يسمى بالحرب على الإرهاب كمحاولاتهم توريط الفصلين في أجندة او معارك جانبية بعيدة عن المعركة الحقيقية وهي تحرير أزواد من الاحتلال المالي كما أنبه على المتحدثين الإعلاميين والسياسيين لهما بضرورة الحرص على الرصانة وعدم احتكار الحقيقة والابتعاد عن الترويج لأنفسهم على حساب صاحب الانجاز الحقيقي وهو شعب أزواد .
و أدعوهما كما تطوعا للدفاع عن الشعب أن ينسبوا كل انجاز للشعب الأزوادي مدنيين وعسكريين وكتاب وشباب على الانترنيت وعلى صفحات الفيس بوك فهؤلاء الشباب على النت هم الجنود الحقيقيون وهم الحقيقة الوحيدة على الميدان كتاباتهم وتعليقاتهم صنعت رأي عام موحد في مطالبه وهم من شجع من يحملون السلاح على حمله وساندوه ليكون رمز للرجولة والشهامة وخدمة الوطن وإنهم الثوار الحقيقيون وعدم سرقة ثورتهم من طرف متسلقين يميلون حيث مال ميزان القوى تراهم يطالبون بمشاريع تنموية ويشاركون في الاتفاقيات وتلتقط الصور لهم مع القذافي وهم يحرقون سلاح المقاومة عام 2008 ويعلنون البيعة للخليفة الفاطمي ملك ملوك افريقيا في اجتماع اوباري الذي سخر فيه القذافي من كل تماشق وأنكر حقهم في دولة مستقلة ثم يقدمون أنفسهم على أنهم قادة في الحركة التي يجلها شرائح واسعة من الشعب لدفاعها عنه ضد المحتل المالي .
و حذاري من سرقة ثورة شباب أزواد الانترنتيين من طرف انتهازيين تعودوا تغير وتلوين مواقفهم حسب الأمر الواقع على الأرض فالعمل السياسي منذ عام 1990 علمنا أنه من السهل الحصول على الشهرة والشعبية لكن المصداقية والشفافية مع الجمهور هي الرصيد الحقيقي أما الفقاعات الإعلامية فهي زبد وأما الصدق والشفافية تبقيان لأنهما ما ينفع الناس .
وحتى لا يتكرر مع ثورتنا المباركة ما حدث مع ثورة الشعب الليبي عندما قام بعض الانتهازيين والمتسلقين من أتباع القذافي أمثال عبد الرحمن شلغم الذي بكى دموع التماسيح على شعبه الذي خانه طوال 40 عام مع القذافي ومحمود جبريل الذي كان الذراع الاستثماري للقذافي بالتسلق على أكتاف ثورة 17 فبراير وقدموا أنفسهم على أنهم أوصياء على ثورة الشعب الليبي وسوقوا لأنفسهم عبر الفضائيات ثم خربوا الوحدة الوطنية الليبية .
إن هذه الثورة الثالثة في التاريخ الحديث هي ثورة الشباب الأزوادي دون سن 45 سنة تلك الأجيال التي وجدت نفسها تدفع فواتير صفقات غيب عنها أسلافهم وعرفوا من خلال عيشهم في الغربة محتقرين في بلدان ولدوا وتربوا فيها معني ان يكون لهم دولة وهم من صمد عندما كان غيرهم يقبض ثمن الاتفاقيات مبيت في الفنادق إن هؤلاء الشباب هم الثوار وهم ثورة ربيع كل تماشق عام 2012 وبالتالي .
يجب حماية ثورتهم من السرقة والقرصنة من جانب المتسلقين وعدم السماح لأي فصيل او زعيم أو أي كان بسرقة وقرصنة انجازات شباب الانترنيت الأزواد فهم من صنع الحدث و بنو للأمة مجدها ويستحقون الدفاع عن ثورتهم فهم لم يبيتوا في فندق ولم تعطى لهم تذاكر ولم يهرولوا للفضائيات والمواقع الإخبارية للترويج لأنفسهم لكنهم واصلوا الليل بالنهار يدافعون عن قضيتهم ويمجدون كل فصيل يقارع مالي .
و شباب النت هم من صنع أبطال الميدان الذين حرروا منكه واجلهوك وغيرها وهم من يمجدون كل من دافع عن وطنه في الميدان عسكريا فهم الثورة وهم الذين غيروا خارطة المنطقة بظهور المولود القديم الجديد دولة أزواد شمال مالي والنيجر هذه الدولة من صنع شباب أزواد على النت شباب كل تماشق جميعا هم من صنع دولتهم إن شباب كل تماشق على النت هم من أبقى قضية أزواد على قيد الحياة بعدما حاول أصحاب الاتفاقيات دفنها وعليه يجب حماية ثورة شباب الانترنيت الذين صنعوا ثوار الميدان الذين يسطرون ملاحم وطنية الآن .
أبو بكر الأنصاري
سياسي وإعلامي ومناضل أزوادي
رئيس التيار الوطني الأزوادي الحر