الطوارق والاستقلال خيانة فرنسا وتواطؤ الجزائر والمغرب

يقول الشهيد مانو داياك
مع الاستقلال ، كل شيء تغير فجأة ، حيث نرى شرطة وجيش الدولة الجديدة تسأل عن جوازات السفروفي بعض الاحيان حتى التأشيرة إذا أراد هؤلاء البدو الرحل زيارة أقاربهم الهقار أو في أدرار إفوعاس. وكان هذا الأمر خطيرا جدا
وقد شعر عدد قليل من طوارق أغاديز وبعض ضباط الجمال، عشية الاستقلال بهذه المأساة القادمة.وقاموا بتطوير مشروع يدعو الى إقامة دولة صحراوية. ورفض سلطان أغاديس استقلال الجزء الشمالي من جمهورية النيجر.وكان يعلم أن بالنسبة للطوارق هذه “الحرية الجديدة” تخفي ورائها استقلال تام وهي أخطر من الاستعمار الماضي.فوجه هؤلاء رسالة إلى الجنرال ديغول زعيم فرنسا، يطلوبون فيها انفصال المناطق الصحراوية من الدول الساحلية المستقلة حديثا.وانتهت الرسالة بهذه الكلمات : “إننا ندعوا الله أن يساعدك في المسار الذي اخترته لنا”فحولت باريس هذه الرسالة السرية مباشرة إلى ديوري هماني ، رئيس النيجرالمتوقع ،و ألقي القبض على جميع الذين أرسلوا هذا الرسالة وتم ترحيلهم من قبل الحكومة الجديدة.ولذا يشعرالطوارق بخيانة فرنسا لهم.وعلى أية حال دخل الطوارق في جمهورية النيجر الجديدة ،كالمرضى في غرفة العمليات الذي مازال تحت التخدير،ولكن أمامه طريق أسوأ من ذلك.استقرت الكراهية في الشمال بالنسبة للجنوبيون، حيث يخبرنا المسافرون بالمضايقات التي يواجهها طوارق أغاديس، في الجلسات العلنية ، يقوم الجنود الجنوبيون بنزع العمائم من رؤوس شيوخنا، وهذا يمثل أسوأ إهانة عند الطوارق.ويسحب منهم أيضا سيوفهم (تاكوبا) إهانة أخري خطيرة.فاستمرت الحكومة النيجيرية في إرهاب البدو ، لأنها لا يمكن أن تتحمل هذه العزة ـ عند الطوارق ـ التي يأخذونها هم غطرسة . فكرامتنا تمنعنا، حتى في عهد الاستعمار ، أن ننحني أمام مسؤول ما أو جندي ، والفرنسييون احترموا على الأقل عزتنا و فخرنا.ولكن الحكومة النيجيرية قررت أن يدفع الطوارق الثمن باهظا.بسبب “وقاحتهم” وماضيهم الإستعبادي للآخرين.وكان الوضع أسوأ بالنسبة لطوارق أدرار إفوغاس “شمال مالي” أصبحت منطقة السودان الفرنسي.سابقا مستقلة باسم جمهورية مالي.فأرسلت الحكومة الجديدة في باماكو قواتها إلى الحدود الشمالية،لضمان وتأمين المنطقة بعد الجيش الفرنسي.وفيما يتعلق بالشعب الطارقي ، فإن الجيش المالي أخذ موقفا مختلفا من الجيش الفرنسي الذي سبقهم لدى وصولهم ، بدؤو بالاستيلاء على الإبل اغتصابا ونهبا.فمنعتنا حكومتهم تجارة القوافل وفرضت الضرائب الثقيلة على الثروة الحيوانية. فضلا عن الجرائم والتذليل ، إن هذا بالنسبة لنا الطريق إلى الجحيم.في سنة 1962 نهض طوارق أدرار إفوغاس. وليس لديهم أي مخرج. مع جيش مجهزة بمدرعات سوفييتية بقيادة ضباط شاركوا في الحملات الفرنسية على منطقة الهندالصينية والجزائر. فبدأ الجيش المالي عملياته ضد السكان المدنيين في الشمال بكل أنواع الجرائم.وفي نفس الوقت ، يفوز موديبو كيتا باحترام على الساحة السياسية والدبلوماسية، بعد نجاح شخصي له في تعزيز المصالحة بين الجزائر والمغرب بعد الاشتباكات الحدودية ، فحصل على دعم هذين البلدين باقامة جبهة مشتركة لمكافحة الطوارق.فيصرح مودبو كيتا عند حكومة الجزائر والرباط ، بأن الطوارق يحنون الآن إلى الاستعمار. وهذا يكفي.هذا الاتفاق الثلاثي ، وميثاق العار يقطعنا هاربين نحو الشمال ، وترك الحرية للجيش مالي لاستكمال مهمته المروعة. والقمع القاسي، في كل يوم يتم إعدام أشخاص في الأماكن العامة.ويتم أيضا إحراق القرى بالبنزين ، وتلغيم الآبار وتسميمها ،وقتل المواشي. ، وما من أحد حاول وقف المذبحة ولا حتى التنديد بها.وقد سلم الرئيس الجزائري بن بيلا لحكومة مالي بعض زعماء الطوارق الذين حاولوا الفرار الى الجزائر.بشيء من التصرف
مقتطف من
كتاب الطوارق المأساة للشهيد مانو داياك
ص: ، 6561،62،64
محمد أكمادي