ا ستعراض مختصر للقضية الأزوادية المالية

ترجع جذور المشكلة إلى عهد الاستعمار الفرنسي، والذي قاومه شعب إقليم أزواد؛ مما جعل الفرنسيين يسخطون على الشعب، ويحرمونه من حقه في الاستقلال، فتركوه تحت انتداب جمهورية مالي، وغمضوا أعينهم بعد ذلك وتجاهلوا كل المخالفات القانونية والانتهاكات الإنسانية التي مارستها الأنظمة المتعاقبة على مالي ضد هذا الشعب وهذا الإقليم.
كانت هناك محاولة للاستقلال عندما قرب رحيل فرنسا، لكن هذه المحاولة لم تجد آذانا صاغية، ولم يكن المجتمع على وعي يجعله يصر على تدبير أمره بنفسه فجعل التدبير في يد الغير.
في عام 1963م ثارت ثورة الشعب الأولى ضد النظام السائد؛ بسبب الفساد في الأرض، والاضطهاد الغير المحدود للمواطن..
لم تدم هذه الثورة طويلا؛ حيث اغتالتها المؤامرات الخارجية في مهدها، مستغلة ضعف الوعي السياسي لدى سكان الإقليم.
وفي 1990/06/29م أطلقت رصاصة ثورة مسلحة، ذات مبادئ تحررية، واستطاعت الصمود وفرض النفس ميدانيا، لكنها استُدرجت إلى الاندماج في جيش جمهورية مالي، وذلك بعد اتفاقية (تامنغست) 1991م.
وفي 2005/05/23م بلغ اليأس من تطبيق بنود اتفاقية (تامنغست) أشُده؛ فانفجرت ثورة أخرى قادها ضباط منشقون من جيش جمهورية مالي، وانضم إليهم سياسيون ومثقفون من المجتمع الأزوادي، وأعلنوا حركة باسم (التحالف الديمقراطي من أجل التغيير)، لكن الأمر لم يصمد طويلا، حيث رجع هؤلاء بعد أسابيع إثر وساطة جزائرية، ببنود هزيلة لا ترقى إلى مستوى الحفاظ على البقاء طويلا، ولم يتكلل الأمر بالنجاح.
فقاد السيد:إبراهيم أغ بهانغا تمردا آخر، توالت انتصاراته ميدانيا حتى وصل إلى درجة إحراج حكومة مالي، فلجأت إلى تجنيد مليشيات مكونة من أبناء المنطقة فقط، وإمدادهم بالسلاح، وإغرائهم بالمال، حيث توجهوا لمجابهة أشقائهم، لكن (لحسن حظنا) رفض الثوار مقاتلة هؤلاء، ورفضوا خوض هذه المعركة القذرة، وذلك في أوائل عام 2009م.
ولخطورة الموقف الآن، وظهور أسباب لانزلاق الأمور وخروجها تحت سيطرة الجميع، نرى ضرورة البحث عن حل نهائي وعادل للنزاع الأزوادي المالي.
أسباب ضرورة الإسراع في البحث عن حل نهائي مضمون وعادل للنزاع الأزوادي المالي:
خطورة الواقع الذي تمر به المنطقة الآن، حيث هي مهددة باكتساح الجماعات المسلحة المتنوعة الأغراض في كل وقت.
ضعف قدرة دولة مالي على السيطرة على الأوضاع من غير الاعتماد على أصحاب المنطقة، والذين ترفض الدولة الاعتماد عليهم في تأمين الإقليم.
في الآونة الأخيرة بدأت حكومة مالي تجري اتفاقيات ذات صلة بالإقليم مع الشركات الأجنبية والحكومات من غير معرفة المواطنين بأهداف الأمور ومستلزماتها، مما يعني وجودا أجنبيا غير مفهوم (على الأقل)من قبل الشعب، وهو ما يعني احتمال تصرفات غير متزنة في كل وقت، تشوه سمعة الإقليم وسكانه، ولا تفيد أي جانب.
أن هذه المنطقة لها ماض نضالي قديم، يهدف إلى الحصول على حق تقرير المصير، وما لم يتم ضمان الحصول على هذا الحق لا يمكن مجرد التفكير في الاستقرار الأمني، فالإقليم منزوع القانون والنظام، وهذا ينذر بوضع خطير في المنطقة كلها.
السياسة الراهنة لدولة مالي ترمي إلى ضرب الشعب بعضه ببعض؛ حتى لا يفكر في البحث عن حل للنزاع، وهذا يجعل المنطقة مرشحة في كل وقت لنشوب حرب أهلية بتسيير وتمويل دولة مالي، مع سكوت من الجيران الذين يحترمون الشؤون الداخلية لدولة مالي عندما يتعلق الأمر بقضيتنا فقط.
صحيفة تافاوت العدد الثاني ماي 2011