تحديات المرحلة…
ينظر معظم المراقبين إلي أن الثورة الأزوادية ستحقق هدفها الأول المتمثل في تحرير أزواد وإنهاء الوجود المالي علي ترابه في وقت وجيز ، لإعتبارات عديدة منها التفوق العسكري والطبيعة الصحراوية التي يتسم بها الإقليم ، واستنادا إلي مؤشرات الواقع الحقيقي للميدان والانتصارات المتتالية التي حققها الثوار في ظرف قياسي يرعب دعاة وحدة التراب المالي والمحافظيين علي إرث الاستعمار في احترام قدسية الحدود بين الدول .
كانت تلك التقديرات قد أصابت التوقع ، فبعد مضي شهرين ونصف من بدء عمليات التحريرتمت السيطرة علي كامل التراب الازوادي وأعلن ذالك رسميا من قبل الحركة الوطنية وشاهده العالم عيانا .
والسؤال المهم اليوم عن ملامح خطة ما بعد التحرير وماهي التحديات الداخلية والخارجية بعد هذا الإنجاز العظيم؟.
داخليا تبقي جماعة أنصار الدين أكبر هاجس خوف قد يعيق إعتراف العالم بالدولة الوليدة ،باعتبار النبرة الاسلامية الغير الواضحة التي يتبناها خطابها وصيغة اسمها المخيف – وليس الخوف من الدين بل من سوءتطبيقه – ولأنها أصبحت فزاعة يحملها الإعلام المضلل لإخاف العالم من الثورة الأزوادية وأعطاها بعدا أكبر من حجمها ،فهي في الواقع تبليغية الفكر قد خالفت المنهج التبليغي الداعي إلي الأمر بالمعروف دون النهي عن المنكر .
التحدي الداخلي الثاني : هو الدخول في حرب القاعدة في وقت مبكر” إن كانت هناك قاعدة” ، والتشجيع الذي قد تبديه الدول في ذالك لإضعاف الجيش الازوادي ومحاولة إعادة أزواد بعدها إلي السيادة المالية لا قدر الله.
التحديات الخارجية:
التحدي الاول: تدخل قوات غرب إفريقيا ” الإيكواس” منذ ان وقع الإنقلاب في باماكو وسقوط كيدال من جيشها، بدأت سماء غرب إفريقيا ترعد وتبرق بضرورة إعادة الشرعية إلي المنقلب عليه المخلوع أ تي تي والتدخل العسكري لحماية وحدة التراب المالي المزعومة من الإنقسام وقد جهزت قوة عسكرية لتنفيذ ذالك حسب زعم حارس الإيكواس الأمين الحسن وترا!.وينتظر الإذن من السادة الأروبيين علي مايبدو.!
التحدي الخارجي الثاني: خطر العزلة الدولية وعدم الاعتراف بدولة أزواد سريعا.
أسلحة مواجهة تلك التحديات..
أسلحة المرحلة الجديدة تختلف عن تلك التي أستخدمها الثوار في حرب التحرير،فالافكار تواجه بالأفكار والإعلام المضلل يواجه بالإعلام المضاد الذي يبث الحقائق ويقارع الحجة بالحجة ، فبالنسبة لتحدي جماعة أنصار الدين الطريق السليم لمواجهة فكرها هو الجلوس معها في شكل حوارات أو ندوات يحضرها علماء أزواد وحتي خارجه وتقديم بحوث علمية في أحكام الشرع وأخطار الإجتهاد في تطبيقه دون أدوات وعلم مسبق بأحكامه ، وضرورة البدء في التعليم وتدريس الدين الاسلامي وفتح المجال لإشباع الرغبة في التدين دون الإضرار بسلامة الوطن وسمعته ، فعندما يؤخذ الدين من مصادره ومن العلماء الربانيين المشهود لهم بالإعتدال … عندها يزول التطرف الديني ويختفي الغلو المتزايد في النمو بسبب الجهل .
تحدي حرب القاعدة : الخروج من مأزق الوقوع في حرب مبكر ضد القاعدة يحتاج إلي حنكة سياسية وفطنة عسكرية ، فأزواد مسؤول عن حدوده وسلامة مواطنيه والأشخاص الذين يطئون أرضه كسياح أو مسافرين أو مقيميين بصفة رسمية ، ويبقي إنجاز إنهاء القاعدة أمرلم تصل إليه أية دولة من الدول التي أستهدفها هذا التنظيم.
من يواجه خطر الإيكواس؟
ما من شك في أن مهمة وقف الجنون القادم من غرب إفريقيا يقع بالدرجة الأولي علي عاتق المجتمع الدولي ومنظماته الفاعلة ، وإن أختارت التدخل فسوف لن تحقق إلا مزيدا من المآسي ومزيدا من التهاب الساحل ولن تمنع الشعب الأزوادي من نيل رغبته في الإستقلال، وعليهم أن يتذكروا جيدا تجربة الإتحاد اليوغسلافي في منع الشعب الكوسوفي من الإستقلال ، فبعد سنوات من الحرب الدامية لم ينجح الإتحاد في الحفاظ علي وحدة الشعوب السلافية المختلفة الأعراق وفي النهاية أستقلت كوسوفا عن صربيا كاسرة بذالك قاعدة قدسية الحدود وفاتحة الباب لإمكانية ميلاد دول جديدة .
خطر العزلة :
لا سلاح أنفع لفك العزلة الدولية عن دولة وليدة من دبلوماسية نشطة تطوف العالم سعيا للإعتراف وتوضيح ملامح الدولة ونظامها وتطلعات شعبها واستيراتيجيتها الإقليمية والدولية ، فضلا عن إثبات نفسها كدولة قادرة علي النمو لو وجدت من الأسرة الدولية الدعم الكافي للنهوض.
ولعل أكبر مقرب لنيل إعتراف دول الجوار هو إحكام الجيش الأزوادي السيطرة علي حدود أزواد وعدم تصدير المشاكل إلي الجيران ، وهذا أمر في إستطاعة الأزواديين لو توفرت الإرادة السياسية والرغبة في تصدير سمعة حسنة عن أزواد .
بقلم : أيوب أغ شمد