جرائم انسانية

جرائم انسانية

تشهد عدة مدن من شمال مالي هذه الايام سلسلة من الاعتقالات الممنهجة  للمدنيين  الازواديين العزل  من قبل الجيش المالي في الوقت الذي تدعو فيه سلطات بماكو الطوارق والعرب الفارين من جحيم بماكو خوفا على سلامتهم الى العودة للبلاد.

 

 

 

 

 

استمر الجيش المالي ومليشياته المسلحة في اعتقال شباب ونساء من الطوارق والعرب في منطقة ازواد وخاصة في اقليمي كيدال وتمبكتو ذات الاغلبية الطوارقية والعربية بدون توجيه لهم أية تهمة جنائية أواجرامية  اللهم الا انتمائهم  للامتين الطوارقية و العربية في ازواد أو بياض بشرتهم.

حيث تم اعتقال  شباب من الطوارق في مدينة غوسي مجددا حينما كانو في طريقهم لمساندة مجموعة من النازحين الطوارق نحو بوركينافاسو و الفارين من أعمال العنف و القتل والاعتقال والنهب والسلب التي تقوم بها مليشيات تابعة لقادة من الجيش المالي في المنطقة أمام مراى ومسمع الجميع في الوقت الذي توجه فيه الحكومة المركزية دعوة للنازحين الطوارق والعرب للعودة للبلاد وتؤكد على رغبتها واستعدادها لحمايتهم على التراب المالي وذلك من خلال الاعلان عن أرقام خضراء تدعي الحكومة المالية أنها كافية لحماية الطوارق والعرب!!!!، وقد افادت مصادر مطلعة  بنقل هؤلاءالشباب المعتقلين المدنيين الى بماكووبدون معرفة مصيرهم،وهل سيلقون في السجون المشددة و الخاصة للمجرمين ببماكو أم سيقتلوا مباشرة بعد تمثيلهم أمام القيادة المركزية كما حدث لكثيرين في التسعينيات؟ .كما قام الجيش المالي الاسبوع الماضي بقتل ستة شباب أزواديين في ضواحي مدينة تنبكتو حينما كانوا يستظلون تحت احدى اشجار تمبكتو العريقة.

 

ولم تكن  منطقة كيدال بعيدة كل البعد عن هذه العمليات  الاعتقالية والانتقامية بحق المدنيين العزل الازواديين التي تشهدها المنطقة منذ بداية المواجهات العسكرية بين المقاتلين الطوارق والحكومة المركزية في 17يناير الماضي ،حيث شملت آخرعملية اعتقالية سجلت في المدينة ثلاثة ناشطين حقوقيين-رجل و أمراتان- كانوا يرصدون معاناة المواطنين الناجمة عن حصار المدينة بمدرعات ودبابات عسكرية أدت الى تفاقم الاوضاع الصحية والانسانية في الاقليم.

كما قام الجيش  باستجوابات واعتقالات عديدة لبعض المتظاهرين السلميين المنددين بحصار مدينة كيدال من قبل الجيش المالي ومليشياته ،كما طالب المتظاهرون السلميون  بالافراج عن الناشطين الحقوقيين المحتجزين لدى احدى معسكرات  لجيش المالي داخل المدينة .

وتأتي هذه السلسلة من الاعتقالات و القتل للمدنيين العزل الطوارق بعد  أيام قليلة من أعمال النهب والتخريب التي استهدفت ممتلكات الازواديين البيض من الطوارق والعرب في كل من بماكو ومقاطعة كاتي ،حيث توجد أكبر قواعد عسكرية للجيش المالي ومقر سلطات و اتخاذ القرار للنظام المالي .وذلك خلال مظاهرات حاشدة  نظمتها نساء وأطفال الجنود الماليين الذين يخوضون معارك كبيرة وضارية ضد المقاتليين الازواديين في شمال البلاد.و رفع المتظاهرون لافتات وشعارات منددة بسياسة وادارة الصراع المسلح الدائر بين الجيش المالي والحركة الوطنية لتحرير ازواد وتدعوا للانتقام من الازواديين المدنيين-العرب والطوارق- بغض النظر عن أيديولوجية هؤلاءأ وعدم علاقتهم بالحركة الوطنية لتحرير ازواد ولا عن سنهم أو جنسهم، بل حددهم المتظاهرون ب

اصحاب البشرة البيضاء،حيث نقرأ على بعض اللافتات جمعة سوداء في بماكوأي بماكو خالية من أصحاب البشرة البيضاء أو الحمراء مما أدي الى حرق منازل ونهب ممتلكات  مئات  الطوارق والعرب وفرار الاف من الموظفين منهم وعلائلاتهم تاركين كل مايملكون في جحيم بماكو الى الدول المجاورة سواء وزراء حاليين وسابقيين أوبرلمانيين وكبار المستشارين بالمؤسسات العامة والخاصة ومئات الضباط الطوارق المنخرطين في الجيش المالي، و ذلك بدون أدنى محاولة من قبل السلطات المالية لحمايتهم بينما كان الجيش والشرطة يحمي  المتظاهرين.!!!

ويرى بعض المراقبين والمحللين السياسيين  بأن الحكومة المالية تقف وراء اعمال النهب والتخريب بحق ممتلكات كبار المسئولين الطوارق والعرب في الدولة وقتل الشباب الطوارق في اقليم تمبكتو وذلك من أجل الضغط على الحركة الوطنية لتحرير أزواد للتنازل عن بعض أهدافها وخاصة تلك المتعلقة بالانفصال عن مالي من جهة، وتأكيد للرأي العام الداخلي بأن الجيش المالي قادر على حماية وحدة التراب المالي والقضاء على من يصفهم بالانفصاليين من جهة ثانية ،و تدخل المجتمع الدولي للضغط على الحركة الازوادية للتخلى عن شروطها والجلوس على طاولة المفاوضات مع بماكومن جهة ثالثة.وخاصة أن الجيش المالي تكبد خسائر فادحة بشرية ومادية أمام مقاتلي الحركة الوطنية لتحرير أزواد في شمال-مالي.

ومن الجدير بالذكر بأن هذه  هي المرة الثالثة التي يقوم فيها النظام المالي بجميع مكوناته من جيش ومليشيات وغيرها بقتل المدنيين الطوارق والعرب أمام مرآى مسمع المجتمع الدولي والعربي  وصمتهما المتخازل .

حيث مازالت مجازر ومذابح الجيش المالي ومليشياته  وجرائمه ضد الانسانية في بداية الستينيات والتسعينيات من القرن الماضي بحق المدنيين العزل وكبار العلماء من الازواديين في أذهان  الجميع. و يا ترى هل ستكون مجازر 2012 بحق الازواديين في عصر الديمقراطية وحقوق الانسان مماثلة لتلك التي حدثت في عهد التنافس بين القطبين الشرقي والغربي؟؟؟.

بقلم/فاطمة بنت اسماعيل

تعليقات (0)
إغلاق