هل تمردت جماعة أنصار الدين عن الجزائر وما البديل؟

هل تمردت جماعة أنصار الدين عن الجزائر وما البديل؟

المجموعة الارهابيةالكاتب / محمد اغ محمد

سؤال مثير وخطير لكن ما جعلني أثيره هو علمنا بأن الجزائريين عموما يعارضون التدخل العسكري، من الشعب البطل، إلى الضباط الأحرار، إلى العديد من قيادات الجزائر، وأنني شاهدت بعض المحللين ، يتخبطون كثيرا في تفسير ما جعل أنصار الدين بالضبط يخالفون تعليمات الجزائر، ويزحفون على مالي، ويبررون لفرنسا التدخل، وهل هذا بموافقة الجزائر أم لا

 

 

هذه الأسئلة يكاد بعض الجزائريين المعارضين للنظام يلقي إجابة مباشرة عنها، فيقول: إن أنصار الدين تمردوا عن حاضنتهم التقليدية الجزائر، كما تمرد عنها بالمختار بلعوروالمحلل يحيل إلى خلاف شبه مؤكد بين الرئاسة الجزائرية، وجهاز المخابرات هذا التحليل يحمل في طياته الإجابة عن سؤال

من يحرك أنصار الدين وراء الكواليس، هل الرئاسة الجزائرية، أو جهاز المخابرات؟

هذا السؤال نفسه تتناسل عنه علامات استفهام كثيرة إننا إذا علمنا أن جهاز المخابرات الجزائري يعارض التدخل الفرنسي، لأنه يعرف المنطقة جيدا، ولأنه “قد” يكون  أقرب إلى الرأي الجزائري العام، ولأنه ضد سياسات فرنسا دائما،  فهل يعني هذا أن الرئاسة الجزائرية هي التي أعطت الضوء الأخضر لأنصار الدين كي تغري فرنسا للتدخل؟؟ وتمهد لها الطريق، هذا على افتراض غير مستبعد يقول: فرنسا ترغب أصلا في العودة إلى مستعمراتها قبل أن تسبقها أمريكا أو أية جهة أخرى أم أن أنصار الدين كما يقال: عبارة عن خلية تابعة لجهاز المخابرات الجزائري، وأن هذا الجهاز يريد تشويه سمعة النظام الجزائري، وأن يقحم فرنسا، والجزائر في حرب ستتحملان المسؤولية كاملة، لأنه محكوم عليهما بالفشل لكن هذا التساؤل قد يكون غبيا إذا استحضرنا أن جهاز المخابرات قد لا يلقي ببلده في مشاكل كهذه! مهما كان منافسا لبوتفليقة، إلا إذا كان قائد أنصار الدين نفسه قد استاء من مواقف دولته الجزائر المتذبذبة حول “موافقة أو معارضة فرنسا”، فاستبق الأحداث، وخالف الجميع، وركب رأيه الخاص مما يثير التساؤل الأهم، والأخطر

من حل محل الجزائر في تمويل الجماعة، وإدارتها

المؤكد الوحيد عندي أن هناك نقطة “سوء تفاهم طرأت بين أنصار الدين، وإحدى الجهتين الحاكمتين على الجزائر قد يكون كل ما ذكر داخلا في محاولة تفسير  ذلك الخلاف الذي تخمنته، ومما يؤكد فرضيتي هذه أن تكون جماعة أنصار الدين قد تملكتها الغيرة الشديدة من “التفاهم الجديد” مهما صغر  بين الحركة الوطنية لتحرير أزواد، وبين الرئاسة الجزائرية، وأنها قد تخاف أن تتخلى عنها راعيتها فجأة… ولماذا أصلا بدأت الجزائر تصافح الحركة الأزوادية من خلف إذا لم تكن قد شكت في جماعتها الأولى التقليديةهذا ينقلنا إلى النقطة الأساسية لهذه التساؤلات الهادفة، وهي التساؤل حول من حل محل الجزائر في تمويل أنصار الدين حتى الآن لا أطيق الجزم أبدا بحدوث طلاق بائن بين الجماعة، والجزائر، لكن التحليل السابق يجعلني أشك في “بقاء الثقة متبادلة بين الطرفين”، وأعتقد ـ والله أعلم ـ أن إياد أغ غالي، بعدما استاء من دولته، وبعدما رأى نفسه ضئيلا جدا أمام فرنسا عند النظام الجزائري تمرد، واستبدله بجهة أخرى، أكبر غنى، وتمنحه ميزات أكثر، فأتخيل من المعطيات فحسب أنها هي “دولة قطر” التي تنوي الصعود، والنفوذ، ومنافسة الدول الغربية، وبدأت في القدوم إلى المنطقة من مصر، وليبيا إلى أزواد.إن هذه “الفرضية” ـ على ضعفها ـ تحل العديد من الألغاز، بما في ذلك سماح الجزائر لفرنسا بالتدخل،والانفتاح الجزائري الجديد على الحركة الوطنية لتحرير أزواد، ومخالفة أنصار الدين لتعاليم الجزائر بالزحف على الجنوب المالي، كما ينفي هذا التحليل أن يكون الصراع الخفي بين المخابرات الجزائرية، وبين النظام قد بلغ حد الجنون، والشطحات حتى يوقع أحدهما البلد في متاهات لا تعرف حدودها، كما تجيب عن التدخل الفرنسي السريع، الذي يبدو للعالم غير محسوب النتائج، فتنفي الفرضية هذه أن تكون فرنسا قد أخطأت الحسابات، وتفيد أن هولاند يعي ما يفعله جيدا إضافة إلى لغز “أحداث إن امناس” الغامضة.، وأن فرنسا تريد أن تسبق قطر، وأمريكا، وأية جهة أخرى إلى البترول الصحراوي.وهي كذلك فرضية تدعمها تسريبات تؤكد أن الهلال القطري بأزواد يقوم بمهمات مريبة، لا تقتصر على الخدمات الإنسانية، وأنه قد يكون بنك الجماعة المتنقل، كما لا يخفى النشاط الإسلامي القطري، ممزوجا بالهدف العروبي، وعلاقة قطر بطالبان في أفغانستان …إلخ

وعلى أية حال، هي كأية فرضية لا يمكن أن أجزم بصحتها، لكن أكاد أجزم بثلاث نقاط مهمة جدا أولا حدوث سوء تفاهم بين جماعة أنصار الدين وإحدى الجهتين المؤثرتين بالجزائر،قلت مع إحدى الجهات فقط، لأن الجماعة لا تطيق التخلي عن الجزائر كلها، فهي مصدر حياتها، وتنفسهاثانيا علاقة قطر بالجماعة، من أجل الغاز الأزوادي، والمشروع الإسلامي، العروبي.ثالثا: أن فرنسا غير متسرعة في الحرب، وأنها تبحث عن أي سبيل للعودة.في الختام، نعيد إلقاء السؤال التاريخي الأبدي: مهما كانت الجهات اللاعبة في المنطقة هل تريد إعادة الأزواديين إلى مالي، أم التعامل المباشر معهم

ــــــــــــــــــ

 باحث في شؤون الطوارق 

alhassany1988@gmail.com

تعليقات (0)
إغلاق