وضع النقاط على الحروف في المسألة الأزوادية.

وضع النقاط على الحروف في المسألة الأزوادية.

*************
كثر الحديث حول الفوارق الأساسية بين الحركة الوطنية، وأنصار الدين، وذكر بعضهم أن منها “الاستقلال، والعلمانية”، تؤيد الحركة وتسعى لهذين المطلبين حسب أدبيات الإعلام، بينما ترفضهما جماعة أنصار الدين، المجاهدة في “تحقيق الشريعة الإسلامية، والوحدة المالية”… ولهذا فيرى البعض استحالة التوافق بين الجماعتين…
أقول: الحركة الوطنية، انتفاضة شعبية ضد الظلم، و”الاستقلال” عندها “مبدأ مقدس”، لا يقبل الحوار إلا مع الشعب، و”العلمانية” ” في نظرها “موقف حضاري” يقبل النقاش، على الأقل عند 99.99% بين أعضاء الحركة الوطنية أنفسهم، وأنا شخصيا من أكبر العلمانيين المنتسبين إلى الحركة، ولكني كأي حركي، بل كأي ديمقراطي أؤمن بأنه من أكبر أنواع الغباء، والكتابة على الماء دعوة المجتمع الأزوادي إلى العلمانية، فالمفهوم التقدمي الذي أعتنقه في تفسير “العلمانية” لن يستوعبه حتى علماء المنطقة، فضلا عن العامة، وهم الغالبية!! ولم أعد أرى أي تناقض بين جوهر إسلامنا المعتدل، وبين القيم الحداثية.
إذن كل ما تريده الحركة هو ضمان استقلال أزواد، ثم فتح النقاش مع “النخبة الأزوادية، والسياسيين ـ لا مع العامة ـ “! ونعرف أن غالبية النخبة الأزوادية نفسها ضد العلمانية، مما يعني مؤخرا أننا ستجبرنا علمانيتنا على الخضوع للجمهور الإسلامي، كما أجبر علمانيو تونس على الاعتراف بحزب النهضة حاكما… فلو كان إسلاميو أزواد أذكياء بما فيه الكفاية لتغلبوا علينا ب”العلمانية” نفسها! كما فعل إخوانهم في العالم العربي، لكني أخشى كثيرا أنهم قد يضيعون على أنفسهم فرصة ذهبية سانحة، باستخدام العنف، والوصول إلى الحكم عن طريق “البندقية”، لا الديمقراطية”، ناسين ومتغافلين عن طبيعة العصر الإنساني الذي نعيشه اليوم، حيث لم يعد منطق “السيف” بليغا، ولا حكيما…!
لعل قائلا يقول: ما دام الإسلاميون هم الغالبية الأزوادية فلماذا محاورتهم، ومنافستهم؟؟
فنقول: لو كانوا واعين بمتطلبات الواقع لاستشعروا أهمية “الاختلاف”، وأنه سبب الإبداع، والتنمية، والتقدم، ولذا عليهم بملاطفة المخالفين كي يتعاونوا معهم على بناء الدولة، لا التناحر، فالحزب الجمهوري الأمريكي الذي خسر الانتخابات الرئاسية مرتين رغم مقاومته الشرسة لم ينعزل، ولم يترك أوباما وحده في الساحة بعد نجاحه، بل قدم مشاريعه، ورؤيته التنموية، فتمت إضافتها إلى مشاريع أوباما، وبرامجه فاستثمرا التنوع، والاختلاف، لأنه يستحيل طبعيا أن يعيش “العنصر الواحد”، كما لا يكون هناك نهار دائم، وبياض، وبرودة، وسعادة….فحسب، فلا بد من وجود النقيض في كل شيء، (سالب وموجب)، كي يتم بذلك دفع عجلة الحياة،كل هذه القوانين، والرؤى الكونية هي التي يريد إخواننا تجاهلها، والاستهانة بها ليعيدونا إلى الحزب الواحد، والرأي الواحد، والحاكم الواحد… واللون الواحد…ليكونوا بذلك حاربوا السنن الإلهية قبل محاربتهم لنا نحن البشر!.
بقلم/ أغ تنيري

 

تعليقات (0)
إغلاق