مامعنى جبهة ازواد الأسلامية MIA

بقلم /الحرف الأزوادي
في البدء
قناة فرانس24 اختارت عنوانا ذا دلالة واضحة، لهذا الخبر، وهو انشقاق داخل حركة أنصار الدين بعد نحو أسبوعين من التدخل الفرنسي في مالي
ثم تقتبس من البيان مفردات مختصرة تشرح ماهية، وأهداف الجبهة المعلنة”، فهي “جبهة إسلامية، أزوادية، معتدلة، ضد التطرف، وتقبل التفاوض، يقودها الرجل الثاني في جماعة أنصار الدين السيد/الغباس أغ إنتالا القناة الفرنسية الذكية لا تريد إغفال النقطة الأساسية في عمق “الحدث والمتعلقة ب السياق الزمني لهذا الانشقاق
سياق الجبهة الغباسية، ودلالاته
الظرف الزمني الذي ولدت فيه الجبهة الجديدة من أهم وأكبر العناصر المساعدة على تحليلها، وفهم أبعادها، وسيطغى على أي تأويل، وتحليل لنوايا الجبهة، ويظهرها على أنها “مجرد كر وفر”، لكن على أية حال فإن الجبهة الجديدة تعني مما تعنيه أنها محاولة “الإنقاذ” لما تبقى من عناصر الإسلاميين، وللأزواديين جميعا من أتون الحرب الفرنسية، والإفريقية، كما تشير إلى بروز صراع تقليدي ذكرناه أكثر من مرة بين قيادات “انصار الدين”، فالجماعة منذ تأسيسها احتوت على تيارين متصارعين خفية، تيار وطني أزوادي، أغلبه ذو ثقافة فرنسية، ومخضرمون في الحكومة المالية، بين مؤسسات الدولة، وجيشها، لكن رضي بالمشروع الإسلامي، بدوافع قد تكون قبلية، ومصالح شخصية… وهذا تيار يقوده الغباس أغ إنتالا من زمان، يقابله تيار جهادي قاعدي بكل ما تعنيه القاعدة من جهاد، ومخابرات، وشبكات متعددة الجنسيات، ويضم الأزوادي والأجنبي، غالبيته متشبع بثقافة عربية سلفية، ويقوده الرجل المحوري في القاعدة بالمغرب الإسلامي السيد/ إياد أغ غالي.
في نظر القناة الفرنسية، وكل المحللين في العالم أن هذا التقسيم لم يكن إلا بعد نحو أسبوعين من التدخل الفرنسي في مالي لكن التقسيم كررناه أكثر من مرة، وكان قيد الكتمان حفاظا على ضمان الثقة بين صفوف الجماعة، لكن في الحقيقة أفرزته الحرب الدولية الجديدة أكثر، وألقت به إلى السطح، ولذا سوف تنتمي “الجبهة الجديدة شئنا ام أبينا إلى “إفرازات الحرب الفرنسية، وقد ولدت على المدرعات، وتحت قصف المقاتلات الفرنسية، وهي “يتيمة” طالما انتظر الأزواديون ميلادها بالهدوء من زمان حتى لاح في الأفق أنه فات الأوان
هل فات الأوان على صلاحية الجبهة الإسلامية المعتدلة في أزواد
يبدو أن الوقت متأخر جدا على مثل هذه التنظيمات، فقد كانت للغباس فرصة سانحة جدا فيما مضى من الأيام، كي يعلن جبهته، ويوفق بينها وبين الحركة الوطنية لتحرير أزواد، ويكونان صوتا واحدا، متكاملا، قبل أن تلقى المنطقة في “حالة حرب”، فإن للحرب منطقها، وظروفها، وأحكامها الخاصة، فإن جبهةً تم الإعلان عنها تحت نيران حرب حالقة قد لا تكون لها صلاحيات كبيرة، وبالخصوص لم تكن بعيدة عن الجبهات المستهدفة في أغلب الأمور، فدعوى “الاعتدال” ورقة استهلكتها جماعة أنصار الدين كثيرا، وطبل أعضاء الحركة الوطنية لتحرير أزواد لها في الوسائل الإعلامية، وكانوا يدافعون عن إخوانهم باسم “الإسلام المعتدل”، وأنهم مختلفون عن “القاعدة”، وأن لهم أهدافا وطنية بطريقتهم الخاصة… إلخ فكشفت الأحداث والأقوال، والأفعال أن الجماعة أقرب إلى “القاعدة” منها إلى “أزواد”، وأن “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” فكرة نظرية بحتة، و”أنصار الدين” تطبيق عملي لتلك الفكرة لا غير
وهل سيثق العالم في نفس القصيدة جبهة إسلامية أزوادية معتدلة، تقبل الحوار
وهل سيقع الأزواديون في الفخ نفسه، باسم آخر، وسياسة جديدة أم أنهم فهمو
وهل يلدغ المؤمن في جحر مرتين أم ستعود حليمة لحالتها القديمة
وهل سيشفع للغباس ما يعرفه الخاصة جدا من أنه فعلا معتدل، صاحب ثقافة غربية أصلا أم أن تجربته مع القاعدة لطخت اسمه إلى الأبد وأدرج في قائمة المطلوبين
في الختام نقول: هي أسئلة تصعب الإجابة السريعة عنها، لكن الأيام القليلة القادمة كفيلة بالرد عليها
وعل كل الاحتمالات يجب على الأزواديين تجاوز مرحلة “الارتجال” في استقبال التصرفات، وتشكيل الجماعات، وتجرع المفاهيم الملتوية، وأن تكون لديهم حساسية مفرطة تجاه جميع الأحداث، والأحاديث، تلك الحساسية هي التي تجعلني متحفظا جدا عن هذه الجبهة التي قد تضمر أكثر مما تظهر! ولا أطمع في حل إلا عن طريق كتلة أزوادية متحدة تحت أهداف وطنية واضحة، وواضعة الأوليات الإنسانية، والتاريخية في عين الاعتبار
باحث في شؤون الطوارق