أزواد والجزائر ” مصالح متبادلة

لقد كانت الجزائر هي عمق أزواد الضارب في جذور التاريخ القديم، من عهد الإكليديين، ونوميديا” إلى العصور الإسلامية المتعاقبة، إنها الممر التاريخي للقوافل التجارية، والبعثات الدعوية معا، فكانت الجزائر هي المنبع الديني، والاقتصادي معا للشعب الأزوادي، كما كان هو حامل شعلة الجزائر الحضارية، والمدافع عنها، وحاميها، وسجل التاريخ كم ضحى الأزواديون بالنفس والنفيس كفاحا عن الجزائر، وسيادتها، وفي الحقيقة كانت الجزائر رمزا مقدسا عند الطوارق، مثلها في ذلك المغرب، وموريتانيا، وتتطور العلاقة بين الطرفين بتقدم الزمن، فانضافت على المصالح التاريخية المذكورة مصالح أخرى، كالجانب الأمني، والسياحي، والاقتصادي عموما، والسياسي،.
1. الجانب الأمني:
ليس هناك حل سحري لكل المهددات الأمنية من القاعدة وتهريب المخدرات، بين أزواد، والجزائر سوى التعاون الكلي بين الطرفين، لما للأزواديين من الخبرة في الصحراء الكبرى، فهم يعرفون أشجارها، وتلالها، ومنعطفاتها، بل ورمالها، وتعودوا على قيظها، وحرها، ورمضائها، فهم كائنات صحراوية، لا تؤثر فيهم، بل تقويهم، وهذا منحهم قوة خارقة لمجابهة كل خطر وفد عليهم بالصحراء، وهذه القوة الطبيعية لم تكن لغيرهم، فمن الصالح للجزائر، وللعالم هو التعاون معهم، لاستتباب الأمن، وإرساء السلام في الساحل.
2. الجانب السياحي، والاقتصادي
فيضان المورد السياحي في الساحل لا يوقفه سوى الجانب الأمني، فالسياحة تأتي بعد الاطمئنان على النفس، فالمرتجف، الخائف على روحه لن يستمتع بالسياحة، ولو استتب الأمن المشروط بالتعاون الكامل بين الأزواديين، والجزائر، والعالم لازدهرت السياحة، ولتحولت الصحراء الكبرى إلى رياض خضراء، ولا يخفى على أحد ما ستجنيه الجزائر من ازدهار أزواد، جارتها، وشقيقتها تاريخيا، وجغرافيا، وثقافيا، وحضاريا إضافة إلى استفادة الشقيقة من “الموارد الاقتصادية الأزوادية الأخرى” كالنفط، والطاقة
فينتعش الاقتصاد، ويرتقي المجتمع المغربي الكبير في جو ينعم بالرخاء، والأمن، والاستقرار.
3. الجانب السياسي:
هناك مخاوف يثيرها البعض من عدوى الثورة إلى جنوب الجزائر، وهذا الهاجس رغم كونه مفتعلا يمكن أن يؤرق النظام، ولهذا ينبغي إيجاد حل له قبل تحوله إلى حقيقة، وليس هناك حل أسرع، وأنجع من اعتراف الجزائر بأزواد، وتقريبها، وإثبات ألا فرق بين الجزائريين، والأزواديين، وبهذا ستطيب نفوس الطوارق بجنوب الجزائر، ويسعدون بهذا الموقف المشرف من دولتهم، ويعتزون بها أيما اعتزاز، ولن تكون لهم حجج بعد كدعوى التمييز العنصري.
تلك نماذج من المصالح المشتركة بين الجزائر، وأزواد، والتي ينبغي استثمارها، وتفعيلها، والاعتراف بها، لأنها حقيقة واقعية، لا ينبغي تجاهلها، ومن ثم يطرح ضرورة اعتراف الجزائر بشقيقتها، وجارتها قبل أن تختتطف أمامها، فالتنافس محموم على أزواد، وستكون الجزائر خاسرة حقا عندما تسحب أزواد من تحتها، كما ستخسر أزواد، لأن كل ما يضر بالواحدة يضر بالأخرى، وعدم تعاونهما الكامل هو المصيبة الثانية بعد استعمار مالي، وسينتج هذا السيناريو آثارا سلبية وخيمة على أزواد، والجزائر، ودول الساحل، والعالم لأنه يفجر براكين لا يزيلها غير السيناريو الأول الذي يعترف بالمصالح، ويقضي بتبادل التعاون، واعتراف الجزائر بأزواد.
الحرف الأزوادي/ محمد أغ محمد